نظريات الشخصية:
هناك عدد من النظريات حاولت تفسير نشأة الشخصية وتطورها ، ومن أهمها ما يلي:
أولا : نظرية التحليل النفسي :
صاحب هذه النظرية (سيجموند فرويد) وهو من
أوائل العلماء الذين اهتموا بدراسة الشخصية والعوامل المؤثرة فيها ويطلق عليه ( أبو
التحليل النفسي ).
ويؤكد (فرويد) على أن شخصية الفرد تتكون
وتتشكل في السنوات الأولى فقط من حياته ، أما ما يتعرض له الفرد فيما بعد من خبرات
ومواقف فتأثيرها ثانوي في تشكيل الشخصية ، فعناصر الشخصية تعود برمتها الى مرحلة الطفولة
؛ فالطفل يولد ولديه مجموعة من الغرائز والنزوات التي يسعى الى اشباعها والتي قد تهدد
استقرار المجتمع ، وهنا تأتى أهمية التنشئة الاجتماعية والتي تعمل على تحقيق التوازن
بين هذه النزوات والمجتمع وتحولها الى اشكال مقبولة اجتماعيا . ولذا فان التنشئة الاجتماعية
تعرف بأنها : العملية التي يستطيع بمقتضاها الأفراد من كبح نزواتهم وتنظيمها وفق متطلبات
ونظم المجتمع السائدة وحتى لا يؤدى اشباع نزواتهم
للإضرار بالأخرين وبسلامة المجتمع .
ويرى
فرويد أن الشخصية تتكون من ثلاثة عناصر أساسية هي :
الهو : وهو ذلك الجزء من الشخصية الذي يعكس
جميع الرغبات البيولوجية والعزيزية لدى الانسان ، وهذه الرغبات لا تترك هكذا بل يقوم
المجتمع بتهذيبها وجعلها في شكل مقبول اجتماعيا من خلال تعويد الطفل على نظام معين
للأكل واللعب والثواب والعقاب ... الخ ، فيتعلم
الطفل من خلال (الأنا) كيفية السيطرة على غرائزه وشهواته.
الأنا : وهو وسيط بين (الهو) والعالم الخارجي،
وهو الجزء المنطقي ( الواقعي ) من الشخصية الذي يعمل على التحكم في نزعات ومطالب الهو
ويحاول ايجاد حلول عملية لإشباعها وفقا للواقع
والظروف الاجتماعية.
الأنا الأعلى: (الضمير) ؛ ويشمل جميع القيم
والمعايير الأخلاقية التي يكتسبها الطفل من المجتمع المحيط به ، وكلما كانت هذه المعايير
قوية كلما كان لها دور كبير في السيطرة على
رغبات الفرد. فإذا استطاع (الأنا) أن يوازن بين (الهو) و (الأنا الأعلى) عاش
الفرد متوافقا ،أما إذا تغلب أحدهما على الشخصية أدى ذلك إلى اضطرابها .
ثانيا : نظرية الصراع:
ترتكز هذه النظرية على مبدأ الخطيئة ، ويعتقد
أصحابها ان الانسان لديه طبيعة فاسدة وشريرة ، وأن هذه الطبيعة الشريرة تتعارض مع متطلبات
الجماعة التي ينتمى اليها الطفل ، وهنا يأتي دور التنشئة الاجتماعية في كبح جماح الفرد
وتهذيب نزعاته الحيوانية .
ويرى علماء نظرية الصراع أن الصراع ينشا
أثناء عملية التنشئة الاجتماعية ومحاولة الآباء كبح نزعات الطفل وتهذيبها ، فيحدث نوع
من الصراع بين رغبات الطفل في إشباع نزعاته وبين رغبة الوالدين في تربية الطفل وتعليمه
كيفية التكيف مع مجتمعه .
ثالثا : نظرية النمو المعرفي
وتركز هذه النظرية على العمليات المعرفية
الشعورية ؛ كالإحساس ، والانتباه ، والادراك ... الخ . وأهم علماء هذه النظرية ( جان بياجيه ) الذي ركز
على طبيعة تفكير الأطفال ، وبالذات التفكير المثالي لدى الطفل وكيفية ادراكه للأشياء
وللصواب والخطأ ، ويري (جان بياجيه) ان فهم الطفل للعالم من حوله يمر بأربعة مراحل
المرحلة الحسية الحركية : تمتد منذ الميلاد
وحتى سنتين من عمره ، وفيها يتعرف الطفل على كل شيء من حوله عن طريق الحواس كاللمس
أو المص أو النظر ، وفي نهاية المرحلة يمكنه معرفة بعض الرموز ونطق بعض الكلمات البسيطة
.
المرحلة قبل الاجرائية : تمتد من (2- 7
) سنوات ، وفيها تنمو قدرة الطفل على استخدام الرموز اللغوية ، وتزداد حصيلته اللغوية
ويستطيع تكوين جمل من كلمتين الى اربع كلمات . وأهم ما يميز هذه المرحلة : التفكير
الرمزي (الخرافي )، واللعب الايهامى ، واللامنطقية ، والتطور اللغوي ، والتمركز حول
الذات ، والخيال الخصب .
مرحلة العمليات الحسية : تمتد من (7 –
11) سنة ، يصبح الطفل فيها قادرا على اجراء العمليات المعقدة ، التفكير المنطقي ، ويعتمد
على المحاولة والخطأ في حل المشكلات.
مرحلة العمليات الصورية : تبدأ من (11-
15) وتستمر طيلة الحياة ، وفيها ينتقل الطفل في تفكيره من عالم المحسوس الى عالم المعقول
، ويتجاوز الخبرات الحسية الى الخبرات المجردة ، ويتطور تفكيره وينظم أفكاره تفسيراته
عن العالم من حوله .
رابعا : نظرية الذات
يرى علماء هذه النظرية ان التنشئة الاجتماعية
تلعب دورا هاما في نظرة الطفل لنفسه ؛ فالطفل يستمد صورته لنفسه من خلال تفاعله المستمر
مع الوالدين أو من ينوب عنهم ، فالذات هي محصلة
الخبرات التي يكتسبها الطفل خلال السنوات الخمس الأولى ؛ فالنظرة الايجابية للوالدين
نحو الطفل تكون صورة جيدة للطفل عن ذاته ، والعكس صحيح فالمعاملة السلبية تكون صورة
سلبية للطفل عن ذاته .
ومفهوم الذات يقصد به : " الشعور بكينونة
الفرد والوعي بها " أو " مفهوم افتراضي يتضمن جميع الأفكار والمشاعر عند
الفرد التي تعبر عن خصائص جسمه وعقله وشخصيته .
ويعتبر ( وليم جيمس ) من أهم العلماء الذين
تحدثوا عن الذات ، وميز بين ثلاثة أنواع منها :
الذات الواقعية : جميع التصورات التي تحدد
خصائص الذات على أرض الواقع وما يمتلك الفرد من جسم ومظهر وقيم ومعتقدات وطموحات .
الذات المثالية : الحالة التي يتمنى أن
يكون عليها الفرد من الناحية الجسمية أو النفسية.
الذات الاجتماعية :تشير إلى تصور الفرد
لتقييم الآخرين له معتمدا على أقوالهم وأفعالهم
خامسا : النظرية التفاعلية الرمزية
أسهم كل من (جورج سميل) و ( وليم توماس)
في تحديد دعائم النظرية التفاعلية الرمزية، وأكد ( وليم توماس)
على أهمية تعريف الموقف ؛ فهو يرى أن الفرد لديه القدرة على تجاهل غرائزه ورغباته التي
نشأ عليها في مقتبل حياته ، فالإنسان ليس عبدا لغرائزه ويمكنه السيطرة عليها وتوجيهها
، وذلك يعتمد على الموقف الذي هو فيه.
ويرى (توماس) ان الرموز هي اشارات أو ايماءات
يقوم بها الفرد ولها معان معينة لدى الآخرين ، وثقافة كل مجتمع مليئة بالرموز التي
تنظم العلاقة بين الأفراد ، ويكتسب الفرد تفسيرات هذه الرموز من خلال عملية التفاعل
الاجتماعي ( تعامله مع الآخرين ) ، وتلعب الاشارات دورا مهما في حياة الأفراد فلها
معان واحدة لدى جميع أفراد المجتمع ، وهى التي تجعل استجاباتهم واحدة في الموقف الواحد،
وقد تختلف معانى الاشارات من مجتمع لآخر ؛ فالمسافر إلى بلد غريب يجد صعوبة في فهم
معنى الاشارات. فالرموز هى لغة غير منطوقة متعارف عليها بين ابناء المجتمع الواحد. ( رفع اليد قد يكون للتحية أو للنصر )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق